الأربعاء، 13 يوليو 2016

أعراض و أسباب جنون العظمة – د. مصعب عزاوي


أعراض و أسباب جنون العظمة – د. مصعب عزاوي

أوهام الإضطهاد:
عندما يكون لدى المرء أوهام الإضطهاد و يؤمن أن شخص ما أو منظمة ما أو قوة ترغب في قتله أو بإيذائه بطريقة ما أو يدمر سمعته. فقد يأخذ العرض أشكال عدة، و نطاقها من الإيمان المباشر بأنه مطارد من قبل أشخاص محددين لمجموعة  غريبة و مستحيلة.
أوهام العظمة:
قد ينقسم هذا لأوهام قدرة العظمة و أوهام هوية العظمة. فإن في قدرة أوهام العظمة يعتقد المريض أنه قد تم إختياره من قبل قوة ما أو من قبل القدر لغرض محدد لمواهبه الغير إعتيادية. كما أنه قد يعتقد أنه يستطيع قراءة أفكار الآخرين، و أنه أكثر ذكاءاً من غيره، أو أنه إخترع آلات أو قام بحل مسائل رياضية بعيدة عن فهم الأشخاص الطبيعيين.
يؤمن الشخص المصاب بأوهام هوية العظمة بأنه شخص مشهور و غني و معروف أو متعلق بأشخاص بارزة. و قد يؤمن بأنه متحول أو بأن أبواه الحقيقيان و أجداده ملوك.
 
إقترح فرويد بأن الأشخاص الذين لديهم إستعداد قد يظهر لديهم أعراض جنون العظمة من خلال عملية ملففة تتضمن الآلية الحامية للإنكار و الإسقاط، معتمداً على دراسة دانيال شريبر، رئيس القضاة لمحكمة درستن أبيل (فرويد 1911)، لم يقابل فرويد شيربر قط، و لكنه قرأ الحساب البيوجرافي لمرضى جنون العظمة (لكنه الأن مقبول بشكل عام بكونه شيزوفرنياجنون العظمة ) سوياً مع تقرير لويبر، الطبيب المسؤول. تكهن فرويد أن شريبر لم يقر بوعي مثليته الجنسية، و وجه رغباته الغير متوقعة ( أنا لا أحبه، هو من يحبني ) ثم اقتبس هذا بإنكار آخر (هو لا يحبني، بل يكرهني).  تم التخلي عن هذا الإعداد في وقت مبكر نسبياً، و لم يكن له دعم سريري قط.
 

 

ما هو جنون العظمة؟ - د. مصعب عزاوي

ما هو جنون العظمة؟ - د. مصعب عزاوي
جنون العظمة عبارة عن أفكار مبالغ بها أو أوهام؛ و أكثرها شيوعاً الأوهام الاضطهادية. متلازمات جنون العظمة هى تلك الأوهام لجنون العظمة التي تتمتع بجزء كبير و واضح من سمات أعراض متلازمات جنون العظمة، كالغيرة المرضية و التنافس المرضي.  لذلك فإن مصطلح جنون العظمة مصطلح وصفي ، فعند تعرفنا على إحدى الأعراض و المتلازمة كجنون العظمة، لا يمكننا أن نقوم بتحديد تشخيص ما و لكنه يمهد لنا الطريق للقيام به. بخصوص هذا الصدد من المحتمل التعرف على حالات الذهول و تبدد الشخصية.
 
متلازمات جنون العظمة تتواجد بمشاكل رئيسية للتصنيف و التشخيص للأمراض النفسية. يمكن تخفيض الصعوبات عن طريق تقسيم تلك المتلازمات إلى مجموعتين متميزتين:
-     أعراض جنون العظمة المتواجدة كجزء من الإضطراب النفسي، كالشيزوفرانيا، إضطراب الحالة المزاجية، إضطراب العقل العضوي.
-     أعراض جنون العظمة المتواجدة بدون دلائل لأي إضطراب كامن. هذه المجموعة من الإضطرابات أطلق عليها العديد من الأسماء، مثل حالة جنون العظمة الشائعة أو ذهان جنون العظمة، و لكن تصنيفان ICD-10  و DDSM-IV أطلقا عليه الإضطراب الوهمي. إن المجموعة الثانية هى التي سببت الصعوبة المستمرة في عدة جوانب، على سبيل المثال، فيما يتعلق بمصطلحاتهم، علاقاتهم بالشيزوفرانيا و مقتضيات الطب الشرعي.
 
أعراض جنون العظمة:
تم التوضيح بالأعلى بأن مشاعر جنون العظمة الوهمي الأكثر شيوعاً هي مشاعر الاضطهاد. كما طبق مصطلح جنون العظمة للأوهام الأقل شيوعاً للعظمة و الغيرة، و أحياناً للأوهام المتعلقة بالحب، الدعاوى، الدين، قد يبدوا الأمر كالأحجية بحيث تتجمع أوهام كتلك في مجموعة واحدة. و السبب في ذلك هو أن الشذوذ المركزي الذي ينطوي عليه مصطلح جنون العظمة هو التشويه المرضي للمعتقدات أو للسلوكيات المتعلقة بالعلاقات بين الشخص و الآخرين. إذا أمن الشخص بشكل خاطئ أو على أساسات  غير كافية  بكونه أصبح ضحية أو متعالي  أو مخدوع و محبوب من قبل شخص مشهور؛ ففي كل حالة منهم يقوم المريض ببناء علاقة بينه و بين الآخرين بطريقة مرضية مشوهة.
مسببات أعراض جنون العظمة:
عندما تتواجد أعراض جنون العظمة كجزء من اضطراب نفسي آخر، فإن العوامل الرئيسية المسببة للمرض هي تلك التي تحدد المرض الرئيسي. على الرغم من ذلك، فلايزال هناك سؤال يبرز نفسه حول سبب تطور أعراض جنون العظمة لدى البعض بينما لا يقوم بذلك البعض الآخر؟. تمت الإجابة على هذا السؤال عادةً في سياق تطور الشخصية السابقة للمرض و العزلة الاجتماعية.

 
الشخصية السابقة للمرض:
العديد من الكتاب من ضمنهم، كاربلين، قد عقدوا العزم على أنه من المحتمل جداً تواجده لدى المرضى ذو الشخصية السابقة للمرض للنوع المصاب بجنون العظمة. كما آمن بذلك أيضاً كرتشمر (1927)، و أعتقد أن أشخاص كهؤلاء يطورون أوهامهم المرجعية حساسة كرد فعل نفسي مفهوم لما ترسب لديهم من أحداث.
و قد دعمت هذه الآراء الدراسات الحديثة التي أطلقت عليه ذهان تخيلي متأخر البداية، و قد وجد كاي و روث (1961) أن الشخصيات المصابة بجنون العظمة أو المفرطة الحساسية في أكثر من نصف المجموعة لعدد 99 شخص مع بداية متأخرة للذهان التخيلي.
 


الثلاثاء، 12 يوليو 2016

ما هو علم النفس ؟ - محاضرة د. مصعب عزاوي

 

ما هو علم النفس ؟ - محاضرة د. مصعب عزاوي

تعود كلمة سيكولوجيا (علم النفس) لأصل إغريقي،  فكلمة (سيكو) تعني العقل أو الروح  و (لوجيا) تعني علم او دراسة.  لذا يمكننا تعريف علم النفس على أنه دراسة علمية لسلوك الإنسان ـ السلوك العقلي على وجه التحديد.  ومن المهم التأكيد على كلمة <<علمي>>.  أعد علماء النفس أنفسهم لتقبل الاختيارات المعتمدة على الدلائل فقط والتي هي غالبا ( ليس دائما )مستمدة من التجارب على الإنسان وعلى الحيوان أيضاً
 
تطور علم النفس:
أول من مهد الطريق لتطوير علم النفس كان عالم الأحياء الشهير ( تشارلزداروين ).  أما قبل ذلك فقد كان الغرب يعتقد انه من الممكن دراسة العالم الطبيعي من نبات وحيوان وأجسام وغازات. . . إلخ علمياً،  أما الإنسان فلا.  وكان ذلك بسبب الاعتقاد بأن الإنسان قد خلق على هيئة الله،  لذا فإن سلوكه ليس خاضعاً لقانون الطبيعة لكن كتاب داروين الشهير أصل الجنس البشري ( 1859 ) يقول بأن أصل الإنسان هو حيوان نشأ من كائنات أبسط  منه وهذا يدل على ان السلوك البشري خاضع لقانون الطبيعة وبالتالي يمكن دراسته وفهمه والتنبؤ به بنفس الطريقة التي تتبع مع باقي عناصر العالم الطبيعي.
 بعُيد ذلك وفي سنة 1875 أسس ويلهام فوندت أول مختبر لعلم النفس في جامعة ( ليبتزغ ) في ألمانيا،  حيث حاول ان يحلل بنية عقل الإنسان وتأثير اتها الأساسية بطريقة تشبه لحد ما تحليل علماء الكيمياء لمواد العالم إلى عناصرها الأساسية.  اعتمد فوندت بذلك على عملية عُرفت << بالاستبطان >> اشترك فيها فوندت وزملاءه مستعرضين عقولهم فدونوا أحاسيسهم بدقة من (البرودة ـ  الازرقاق ـ  الحلاوة. . .  إلخ ) التي قد اختبروها.
عرف هذا المنهج النفسي بعلم النفس البنيوي ولقد تمكن من تعريف ما فوق ال  44000 ( ! ) شعور عقلي مختلف قبل فشل المنهج في بداية التسعينات.
أما السبب الرئيسي لفشله فهو استحالة حل الجدل بين الباحثين بشأن أي من الاحساسات المختبرة.  أي ببساطة مجرد كلمة من شخص تنفي كلمة الشخص الآخر.  وذلك بسبب عدم وجود طريقه موضوعية لقياس تجاربهم.
 
المدرسة السلوكية:
أدى هذا النوع من المشاكل إلى تطوير مدرسة أخرى من مدارس علم النفس تدعى بالمدرسة السلوكية،  كان جون واتسون أحد مؤسسيها (1878ـ 1958).  الذين اقترحوا أنه إذا كان علم النفس علماً حقيقياً،  ولا يقبل سوى الحقيقة المستندة على البرهان الموضوعي فإن على علم النفس تجنب دراسة التجارب العقلية ـ لأن من المستحيل إيجاد طريقة يلاحظ بها ما يحدث داخل رأس شخص آخر.
بدلاً من ذلك واتسون وفيما بعد غيره من السلوكيين مثل ب. ف. سكينر.  أصروا على أن علم النفس يجب أن يقتصر على دراسة المسببات ( وهي أحداث في العالم يمكن إيجادها من خلال حواسنا ) واستجابات تلك المسببات و ذلك لأن كل من المسببات مثل (سماع أصوات عالية) والاستجابات مثل ( وضع يدينا على آذاننا ) قد تقاس وتسجل بشكل موضوعي ـ السمة الأساسية في العلم. 
تبعاً لداروين،  يعتقد السلوكيين أيضاً    بأن سلوك الإنسان لا يمكن ان يكون مختلف عن سلوك الحيوان بشكل أساسي.  فمعظم أبحاثهم كانت تنفذ على حيوانات كالجرذان والحمام.
بينما كانت المدرسة  السلوكية تسيطر على علم النفس  في الولايات المتحدة الأميركية فقد كانت مدرسة أخرى لعلم النفس في فيينا تتطور عبر حوالي الأربعين سنة الأولى  وكانت تدعى بالتحليل النفسي.  طورها سيغموند فرويد (1856ـ 1939).  كان فرويد طبيباً للأمراض العصبية فأنشأ تمرين لمحاولة مساعدة الناس الذين يعانون من الاضطراب الناتج عن المشاكل و أكد أن العديد من تلك المشاكل ناجمة عن غرائز إنسانية أساسية مثل ( الجنس والعدائية) وذلك ما لم يدركه مرضاه.
 وقد اعتقد أيضاً أن بإمكانه مساعدة هؤلاء المرضى  ليدركوا قوى اللاوعي لديهم ( وبذلك يخفف المشكلة ) بواسطة تقنيات مثل تحليل الأحلام والتخاطر الحر.
 
علم النفس المعرفي:
خلال النصف الثاني من القرن العشرين ظهرت مدرستين جديدتين أساسيتين لعلم النفس وهما علم النفس المعرفي وعلم النفس الإنساني.
بدأ علم النفس المعرفي في الخمسينيات بدراسة العمليات العقلية للإنسان مثل الإدراك،  الانتباه،  الذاكرة،  التفكير،  واللغة،  ورغم معارضة السلوكيين ! فلقد اهتم علماء النفس المعرفي بالطرق التي يتلقى فيها الإنسان المعلومات من العالم الخارجي.
وطبعاً ففي الخمسينات أيضاً شهد العالم ولادة مدخل معالجة المعلومات مثل الحواسيب والرجل الآلي كجزء من الذكاء الصناعي (AI).  حيث يعتقد بعض علماء النفس المعرفي بأن إنشاء مثل هذه الآلات يؤدي المهمات بنجاح مثل حل المشاكل،  تمييز الوجوه،  سوف يوفر البصيرة من خلال طرق ينفذها الناس لمثل تلك المهمات.  قد يكون علم النفس المعرفي أكثر الاستكشافات توسعاً في مجال علم النفس في الوقت الحالي.
 
 
علم النفس الإنساني:
ظهرت في الأربعينيات مدرسة أخرى من مدارس علم النفس ( القوة الثالثة بعد السلوكية والتحليل النفسي ) ولا تزال متبعة إلى يومنا هذا عرفت بعلم النفس الإنساني.  حيث طورت أعمال ابراهام ماسلو ( 1908 ـ 1970) وكارل روجرز (1902 ) أما الاختلاف بين هذه المدرسة وسواها فهو أنها ترى الإنسان على انه مختلف بشكل أساسي عن الحيوانات الأخرى أو الآلات بسبب حرية الاختيار.  أو المقدرة على انتقاء الخيارات بتصرفاتهم وبهذا فإنهم يستطيعون توجيه حياتهم و السيطرة عليها.  ويعتقد علم نفس الإنسان أيضاً    أن كل شخص له خاصيته.  وان الطريقة المثلى لفهم السلوك الإنساني لا يكون بتنفيذ تجارب على عدد كبير من الناس بل بدراسة تجارب لحالات فردية مع التركيز الشديد على التفاصيل.
 
 

اضطرابات القلق الرُهابي و الرهاب المرضي (الفوبيا) – د. مصعب عزاوي


اضطرابات القلق الرُهابي و الرهاب المرضي (الفوبيا) – د. مصعب عزاوي

تتسم اضطرابات القلق الرُهابي، بنفس أعراض اضطرابات القلق المُتعمم الجوهرية، لكن هذه الأعراض لا تظهر إلا في ظروف معينة. في بعض أنواع الاضطرابات الرُهابية، تكون هذه الظروف قليلة، ولا يعاني المريض من القلق معظم الوقت. في الأنواع الأخرى من الاضطرابات الرُهابية، تُثير الكثير من الظروف القلق، وبالتالي تتكرر نوبات القلق بصورة أكبر، لكن تظل هناك بعض المواقف التي لا يشعر فيها المريض بالقلق على الإطلاق. تتميز الاضطرابات الرُهابية بصفتين أخريتين: أولاً، يتجنب الشخص الظروف التي تُثير القلق، وثانياً، يعاني الشخص من القلق التوجسي، عندما يكون هناك احتمال لأن يواجه هذه الظروف. يمكن تقسيم الظروف التي تُثير القلق إلى: مواقف،(مثل الأماكن المزدحمة)، الأجسام،(وهو مصطلح يتضمن الكائنات الحية مثل العناكب)، والظواهر الطبيعية،(مثل الرعد). لأسباب إكلينيكية، تم تقسيم المتلازمات الرُهابية إلى ثلاثة متلازمات أساسية، الرُهاب النوعي، الرُهاب الاجتماعي، ورُهاب الخلاء. سنتناول هذه المتلازمات بالتفصيل لاحقاً.

تصنيف اضطرابات الرُهاب

في الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية، والتصنيف الدولي للأمراض، تنقسم الاضطرابات الرُهابية إلى، رُهاب نوعي، رُهاب اجتماعي، ورُهاب الخلاء. في الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية، وليس في التصنيف الدولي للأمراض، يُصنف المرضى الذين يعانون من رُهاب الخلاء، الذين يمرون بنوبات هلع منتظمة،(أكثر من 4 نوبات خلال 4 أسابيع، أو نوبة واحدة، يعقبها شهر من التخوف المُستمر من الإصابة بنوبة أخرى)، بأنهم مُصابين باضطراب الهلع.

الرُهاب النوعي

الصورة الإكلينيكية (الشكل السريري)

الشخص المُصاب بالرُهاب النوعي يكون قلقاً بشكل مفرط، إذا واجه موقفاً مُعيناً أو شيئاً معيناً. في حضرة هذا الموقف أو هذا الشيء، يختبر الشخص أعراض القلق المذكورة في الجدول 9.1. يكون القلق التوجسي شائعاً، ويسعى الشخص عادة إلى الهروب من المواقف التي يهابها، كما يسعى إلى تجنبها. يمكن تصنيف أنواع الرُهاب النوعي، عن طريق إضافة اسم المُثير، (مثل رُهاب العنكبوت). في السابق، كان من الشائع استخدام مصطلحات مثل، رُهاب العناكب، (بدلاً من رُهاب العنكبوت)، أو رُهاب الأماكن المرتفعة،(بدلاً من رُهاب المرتفعات)، لكن هذه الممارسة لا تضيف شيئاً، مقارنة باستخدام الأسماء الأبسط. في الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية، يوجد 4 أنواع من الرُهاب النوعي، والتي تتعلق بـ:

·     الحيوانات.

·     جوانب البيئة الطبيعية.

·     الدماء، الحقن، والجروح.

·     مواقف ومُثيرات أخرى: هذه الفئة تتضمن الخوف من المواقف الطبية، المواقف المتعلقة بطب الأسنان، والخوف من الشَرَق.

أنواع الرُهاب النوعي التالية، يجب أن توضع في الاعتبار.

رُهاب علاج الأسنان

يخشى نحو 5% من البالغين، علاج الأسنان. قد تصير هذه المخاوف شديدة للغاية، لدرجة أن الشخص يتجنب كل أنواع علاجات الأسنان، في حين يزداد التسوس بشدة. أظهر تحليل ميتا لـ38 دراسة عن العلاج السلوكي، انخفاضاً كبيراً في الخوف، في 77% من الأشخاص الذين عُولجت أسنانهم، بعد 4 سنوات من تلقي العلاج،(كفال 2004).

رُهاب الطيران

يُعد القلق أثناء السفر بالطائرة أمراً شائعاً. بعض الناس يختبرون قلقاً شديداً، لدرجة تجعلهم غير قادرين على السفر بالطائرة، وبعضهم يسعى للعلاج. هذا الخوف يظهر أحياناً أيضاً بين الطيارين، الذين تعرضوا لحادث أثناء الطيران. توفر بعض شركات الطيران علاجاً مُزيلاً للتحسس، بالإضافة إلى كتب المساعدة الذاتية. تم استخدام برامج الواقع الافتراضي، لتحل محل التعريض الفعلي والمُتخيل للحدث. تحققت نتائج جيدة، لكن لم يتضح بعد، ما إذا كان العلاج، يحتاج إلى أن يُدعم ببعض الأساليب النفسية الأخرى، مثل التثقيف النفسي أم لا،(دا كوستا،2008).


 

الخوف من الدماء والجروح

في هذا النوع من الرُهاب، يُسبب منظر الدماء القلق، كما تُسبب رؤية أي نوع من أنواع الجروح القلق أيضاً. لكن الاستجابة اللاإرادية المُصاحبة له، تختلف عن الاستجابات في اضطرابات الرُهاب الأخرى. فتسرع القلب المبدئي، يعقبه رد فعل وِعائِيٌّ مُبْهَمِيّ، حيث يحدث بطء في القلب، شحوب، دوار، غثيان، والإغماء أحياناً. يُقال أن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الرُهاب، يكونون عرضة للإغماء العصبي، دون التعرض حتى للمُثير المُحدد،(الدماء أو الجروح). يتمثل العلاج في التعرض الحي للمُثير، بالإضافة إلى استخدام التوتر العضلي، للمساعدة في منع الإغماء،(أيالا، 2009).

رُهاب الشَرَقٌ

الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الرُهاب، يخشون بشدة أن يختنقوا أثناء البلع. يعاني هؤلاء الأشخاص من رد فعل بلعومي مُفرط، ويشعرون بالقلق الشديد عندما يحاولون البلع. يبدأ هذا الرُهاب إما في فترة الطفولة، أو بعد الاختناق بالطعام في فترة البلوغ. بعض هؤلاء الأشخاص يخشون أيضاً علاج الأسنان، بينما يتجنب الآخرون تناول الطعام في العلن. يتمثل العلاج في إزالة التحسس.


 

رُهاب الاعتلال

 الأشخاص المُصابون بهذا النوع من الرُهاب، تراودهم أفكار مُخيفة متكررة، عن احتمال إصابتهم  بالسرطان، مرض منقول جنسياً، أو أي مرض خطير آخر. على عكس الأشخاص المُصابين بالضلالات، يُدرك الأشخاص المُصابين برُهاب الاعتلال، أن أفكارهم غير عقلانية، على الأقل عندما لا تراودهم تلك الأفكار. كما أنهم لا يقاومون الأفكار، بالطريقة التي تُقاوم بها الأفكار الوسواسية. قد يتجنب هؤلاء الأشخاص المستشفيات، ومع ذلك لا ترتبط الأفكار بمواقف معينة. إذا اقتنع الشخص بأنه مُصاب بالمرض، تُصنف الحالة كحالة مُراق. أما إذا كانت الأفكار غير منطقية، ويحاول المريض مقاومتها، فتُصنف الحالة على أنها حالة اضطراب وسواس قهري.

وبائية المرض

قُدر معدل الانتشار العمري للرُهاب النوعي بين البالغين، باستخدام معايير الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية، بـ7% في الرجال، و17% في النساء،(كيسلر 2005). تبدأ معظم أنواع الرُهاب النوعي في الظهور، في سن الطفولة. رُهاب الحيوانات يبدأ في الظهور في سن السابعة، بينما يبدأ ظهور رُهاب الدماء في سن الثامنة، وتظهر معظم أنواع رُهاب المواقف في أوائل العشرينات من العمر،(أوست، 2001).


 

الأسباب

استمرار مخاوف الطفولة

معظم أنواع الرُهاب النوعي التي يعاني منها الشخص البالغ، تكون امتداداً لأنواع الرُهاب التي عانى منها في فترة الطفولة. الرُهاب النوعي شائع في فترة الطفولة. في السنوات الأولى من المراهقة، ستختفي معظم مخاوف فترة الطفولة، لكن بعضها يبقى ويستمر في فترة البلوغ. السبب وراء استمرار تلك المخاوف غير مؤكد، إلا أن حالات الرُهاب المتفاقمة تستمر لفترة أطول.

العوامل الوراثية

أظهرت دراسة واحدة، أن 31% من أقارب المرضى المُصابون بالرُهاب النوعي، من الدرجة الأولى، مُصابون أيضاً بالحالة،(فاير، 1995). تطابقت نتائج دراسة أجريت على التوائم الإناث المُصابات بالرُهاب النوعي، مع النمط السببي، حيث اجتمع الاستعداد الوراثي البسيط، مع الأحداث المُكربة المعينة المُسببة للرُهاب،(كيندلر، 1999). قد يتضمن الاستعداد الوراثي اختلافات في قوة إشراط الخوف، والذي قد ينتقل وراثياً بنسبة 40%، (هيتيما، 2003).


 

نظريات التحليل النفسي

تقول هذه النظريات، أن الرُهاب لا يرتبط بالمُثيرات الخارجية الواضحة، بل يرتبط بمصدر داخلي للقلق. حيث يُستبعد المصدر الداخلي من الوعي، عن طريق الإخماد، ويُستبدل بمصدر خارجي. هذه النظرية لا تدعمها أدلة موضوعية.

نظريات الإشراط والنظريات المعرفية

تقول نظرية الإشراط أن الرُهاب النوعي يظهر من خلال التعلم التفاعلي. يبدو أن أنواع قليلة من الرُهاب النوعي، تبدأ بهذه الطريقة في فترة البلوغ، نتيجة التعرض لتجربة مُزعجة للغاية. على سبيل المثال، قد يبدأ رُهاب الخيول في الظهور، بعد التعرض لتجربة خطيرة مع جواد مُندفع. قد تُكتسب بعض أنواع الرُهاب النوعي، من خلال التعلم بالمشاهدة، كأن يشاهد الطفل استجابات الخوف الخاصة بشخص آخر، ويتعلم أن يخشى نفس المُثيرات. تساهم العوامل المعرفية أيضاً في استمرار الخوف، خصيصاً التوجس من مُثيرات الرُهاب، و الانتباه الانتقائي لها.

التعلم الفطري  

هذا المصطلح يُشير إلى توفر الاستعداد الفطري، للخوف المستمر من مُثير معين. يبدو أن بعض صغار الرّئِيسات، يملكون الاستعداد للخوف من الثعابين، لكن من غير المؤكد، ما إذا كانت نفس العملية تنطبق على بعض أنواع الرُهاب النوعي، التي يُصاب بها أطفال البشر.

التَوَضُّعٌ الدِمَاغِيٌّ

أظهرت دراسات التصوير الوظيفي، حدوث نشاط مفرط بلوزة الحلق، عند عرض بعض المُثيرات المُخيفة، والذي يتضاءل مع العلاج الناجح. إن ترقب مُثيرات الرُهاب، يُحفز القشرة الحزامية الأمامية، والقشرة الجزرية. هناك أدلة متضاربة، على تناقص النشاط بالقشرة الأمام جبهية الوسطية،(إينجل، 2009).

 

اضطرابات القلق – محاضرة د. مصعب قاسم عزاوي في المركز الثقافي في لندن


اضطرابات القلق – محاضرة د. مصعب قاسم عزاوي في المركز الثقافي في لندن

اضطرابات القلق هي حالات غير طبيعية، تتسم بظهور أعراض قلق عقلية وجسمانية قوية، مع غياب وجود مرض عضوي بالدماغ، أو أي اضطراب نفسي آخر. بالرغم من إمكانية ظهور جميع الأعراض، في أي نوع من أنواع اضطرابات القلق، إلا أن لكل اضطراب صفاته المُميزة، والتي سيتم شرحها لاحقاً. تشترك الاضطرابات المُختلفة، في الكثير من الصفات السريرية والأسباب، لكن هناك اختلافات أيضاً. ففي اضطراب القلق المُتعمم، يكون القلق مُستمراً، لكنه قد يختلف في حدته. أما في اضطرابات القلق الرُهابية، يكون القلق متقطعاً، ويظهر في ظروف معينة. في اضطراب الهلع، يكون القلق متقطعاً، لكن ظهوره لا يرتبط بأي ظروف معينة.

تطور الأفكار الخاصة باضطرابات القلق

لطالما كان القلق عرضاً بارزاً للعديد من الاضطرابات النفسية. غالباً ما يظهر القلق والاكتئاب معاً، وحتى نهاية القرن التاسع عشر، لم تُصنف اضطرابات القلق بشكل مُنفصل عن اضطرابات المزاج الأخرى. كان فرويد (عام 1895)، هو أول من اقترح

 

أن الحالات التي تعاني بشكل أساسي من أعراض القلق، يجب أن تُصنف في فئة مُنفصلة، تحت اسم (عُصاب القلق).

الجدول 1: أعراض القلق

·     أعراض نفسية: ( الترقب بخوف، الهياج، الحساسية تجاه الضجيج، التململ، ضعف التركيز، أفكار سوداوية).     

·     أعراض مستقلة المنشأ (أعراض معدية معوية مثل: جفاف الفم، صعوبة في البلع، انزعاج شٌرسوفي، إخراج الريح بكثرة)، (أعراض تنفسية مثل: انقباض الصدر، صعوبة في الاستنشاق، فرط التنفس)، (أعراض قلبية وعائية مثل: خفقان القلب، ألم في الصدر).

·     توتر عضلي، ارتعاش، صداع، ألم في العضلات

·     دوار، نخز.

·     اضطراب في النوم، أرق، فزع ليلي.

تضمنت مجموعة (فرويد) الأصلية لعُصاب القلق، مرضى يعانون من الرُهاب ونوبات الهلع، لكنه قسمها بعد ذلك إلى مجموعتين. المجموعة الأولى التي احتفظت باسم (عُصاب القلق)، تضمنت حالات تعاني بشكل أساسي من أعراض القلق النفسية. المجموعة الثانية، والتي أطلق عليها (فرويد) اسم (هستيريا القلق)، تضمنت حالات تعاني بشكل أساسي من أعراض القلق الجسمانية، بالإضافة إلى الرهاب.

وإن تضمنت فئة (هستيريا القلق)، الحالات التي نُشخصها اليوم كحالات رُهاب من الميادين. زعم (فرويد) أن أسباب (عصاب القلق) و(هستيريا القلق)، ترتبط بالمشاكل الجنسية، لكنه تقبل مجموعة أكبر من الأسباب فيما بعد. في ثلاثينات القرن العشرين، اعتبر معظم الأطباء النفسيين، أن المشاكل المُرهقة المتنوعة يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بعُصاب القلق.

عُرفت اضطرابات الرُهاب منذ الأزل، لكن أول دراسة طبية منهجية لتلك الحالات، قام بها (لي كاموس) في القرن الثامن عشر، (إيريا 1962). صُنفت أنواع الرُهاب في بداية القرن التاسع عشر، وأُدرجت في فئة الهوس الأحادي، وهو اضطرابات في التفكير وليس في المشاعر. لكن عندما وصف (وستفال) رُهاب الميادين لأول مرة عام 1872، أكد على أهمية دور القلق في الحالة. لاحقاً في عام 1895، قسم (فرويد) أنواع الرُهاب إلى مجموعتين، الرُهاب الشائع – حيث يكون هناك خوف مبالغ فيه، من شيء يخشاه الكثيرون بشكل شائع، (الظلام أو الأماكن المرتفعة)، والرُهاب النوعي – حيث يكون هناك خوف من مواقف مُعينة، لا يخشاها الأشخاص الأصحاء، (مثل الأماكن المفتوحة أو الخلاء). وكما سيرد لاحقاً، أصبح لمصطلح الرُهاب النوعي معنىً مختلف الآن.

في ستينات القرن العشرين، أدت استجابات حالات الرُهاب المختلفة، لطرق العلاج السلوكية إلى تقسيمها إلى، رُهاب بسيط، رُهاب اجتماعي، ورُهاب الخلاء، وتختلف هذه المجموعات عن بعضها أيضاً، في العمر الذي يظهر فيه الرُهاب بها، (حيث يبدأ الرُهاب البسيط عموماً في سن الطفولة، والرُهاب الاجتماعي في سن المراهقة، ورُهاب الخلاء في وقت متأخر من العمر). في نفس الوقت تقريباً، لوحظ أنه عندما يُصاحب الرُهاب نوبات هلع ملحوظة، كانت تلك الحالات تستجيب للعلاج السلوكي استجابة ضعيفة، وكانت تستجيب بشكل أفضل لعقار الإيميبرامين (كلاين 1964). صُنفت تلك الحالات فيما بعد على حدة، وسميت باضطرابات الهلع. هذا التقدم أدى إلى ظهور التصنيف الحالي المُقسم إلى، اضطراب القلق المعمم، اضطراب القلق الرُهابي (البسيط، الاجتماعي، ورهاب الخلاء)، واضطراب الهلع.

لطالما كانت العلاقة بين اضطرابات الوسواس القهري، واضطرابات القلق مُلتبسة، ومازالت كذلك. ظن فرويد في البداية، أن الرُهاب والوساوس تربطهما علاقة وثيقة، (فرويد 1895). لكنه اقترح لاحقاً أن القلق هو المشكلة الرئيسية في كلتا الحالتين، وأن أعراضهما المُميزة، (الرُهاب والوساوس)، نتجت عن آليات الدفاع المختلفة ضد القلق. بينما اعتبر الآخرون الاضطرابات الوسواسية، فئة مُنفصلة عن العُصاب غير المعلوم السبب. وكما ذكرنا سابقاً، أدى انقسام الآراء هذا إلى ظهور نظامي التصنيف الرئيسيين الحاليين -  في الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية (الإصدار الرابع)، تصنف اضطرابات الوسواس القهري،  كمجموعة فرعية من اضطرابات القلق، بينما في التصنيف الدولي للأمراض (الإصدار العاشر)، تحتل اضطرابات القلق، واضطرابات الوسواس القهري، مكانين منفصلين في التصنيف.

 

 

الأنماط السريرية لمرض الاكتئاب – د. مصعب عزاوي


الأنماط السريرية لمرض الاكتئاب – د. مصعب عزاوي


الاكتئاب الهياجي


وينطبق هذا المصطلح على الاضطرابات الاكتئابية التي يكون الهياج فيها بارزًا. وكما قد لوحظ بالفعل، أن الهياج يبرز في العديد من الاضطرابات الاكتئابية الحادة، ولكن في الاكتئاب الهياجي يكون حادًا على وجه الخصوص. ويرى الاكتئاب الهياجي بشكل أكثر شيوعًا فيما بين المرضى متوسطي العمر وكبار السن عما يكون بين الأفراد الأصغر سنًّا.

الاكتئاب المُتأخر


ويستعمل هذا الاسم في بعض الأحيان على الاضطرابات الاكتئابية التي يكون فيها التباطؤ النفس حركي بارزًا بشكل خاص. وليس هناك دليل على أنهم يمثلون متلازمة منفصلة، وعلى الرغم من ذلك فإن وجود التأخر (التباطؤ) البارز يقال للتنبؤ بالاستجابة الجيدة على العلاج بالصدمة الكهربائية (ECT). وإذا استخدم المصطلح فينبغي أن يكون بالمعنى الوصفي البحت. وفي أكثر أشكاله حدة، يندمج الاكتئاب المتأخر مع الذهول الاكتئابي.

الذهول الاكتئابي


في حالة الاضطراب الاكتئابي الحاد، قد يصبح تباطؤ الحركة وشح الكلام حاد للغاية لدرجة أن المريض يكون بلا حراك وأبكم. مثل هذا الذهول الاكتئابي يُرى نادرًا الآن حيث أن العلاج الفعال متاح. وبالتالي، فإن الوصف من قبل كرايبيلين هو ذو اهتمام خاص:

يستلقي المرضى بُكم في الأَسِّرة، ولا يعطون أي رد من أي نوع، وعلى الأكثر يسحبون أنفسهم على استحياء من الطرق، ولكن غالبًا لا يدافعون عن أنفسهم من المنغصات...يجلسون لا حول لهم ولا قوة أمام طعامهم؛ وربما –ومع ذلك –يدعون أنفسهم يتغذون بالملاعق بدون صعوبة.

وعلق كرايبيلين بأن استدعاء الأحداث التي تحدث أثناء الذهول كان في ببعض الأحيان ضعيفة عندما يتعافى المريض. وفي الوقت الحاضر، فإن النظرة العامة بأنه في حالة المرضى المتعافين يكونون قادرين على استدعاء جميع الأحداث تقريبًا التي حدثت أثناء فترة الذهول. ومن الممكن أنه في بعض حالات كرايبيلين كان هناك تغييم للوعي (وربما يكون مرتبطًا بكمية السوائل الغير كافية، التي تكون شائعة في هؤلاء المرضى). المرضى في حالات الذهول الاكتئابي قد يتعرضون للاضطرابات حركية بنمط جمودي.

الاكتئاب الغير نمطي


يستعمل مصطلح الاكتئاب غير النمطي عادةً مع اضطرابات الحدة السريرية المعتدلة. وقد تباين المعنى الدقيق لهذا المصطلح على مر السنين، ولكنه حاليًا يستخدم للاضطرابات التي تتميز بـ:

·      مزاج مكتئب بنسب مختلفة مع تفاعل المزاج للأحداث الإيجابية.

·      الإفراط في تناول الطعام وفرط النوم.

·      التعب والإعياء الشديد والثقل في الأطراف (الشلل الرصاصي).

·      القلق الصريح.

كثير من المرضى الذين لديهم أعراض سريرية لديهم ميل مدى الحياة للرد بطريقة مبالغ فيها للرفض المتصور أو الحقيقي (حساسية الرفض)، ومع ذلك فإن هذه السمة الشخصية يمكن أن تتفاقم بسبب وجود اضطراب اكتئابي. المرضى المصابون باكتئاب غير نمطي لديهم أيضًا بداية مبكرة من المرض ومسار مزمن أكثر. وترجع أهمية التعرف على الاكتئاب الغير نمطي إلى أن –بسبب حساسيتهم بين الأشخاص –المرضى المصابون بهذا الاضطراب يمكن أن يكون من الصعب علاجهم ويمكن النظر إليهم على أن لديهم شخصيات "صعبة" بدلًا من الاضطراب الاكتئابي. ويبدو أيضًا أن الاكتئاب الغير نمطي يكون مرتبطًا باستجابة ضعيفة للعلاج المضاد للاكتئاب الثلاثي الحلقات ولكن الاستجابة تكون أفضل مع مثبطات أُكسيداز أُحاديّ الأَمين (MAOIs) وربما مثبطات امتصاص السيروتونين الاختياري (SSRIs)

الحالات الاكتئابية الخفيفة


قد يكون من المتوقع أن تتواجد الاضطرابات الاكتئابية الخفيفة مع أعراض مشابهة لتلك التي للاضطرابات الاكتئابية الموصوفة أعلاه، ولكن مع حدة أقل. وإلى حد ما هذا هو الحال، ولكن في الاضطرابات الاكتئابية الخفيفة يكون هناك أعراض إضافية في كثير من الأحيان أقل بروزًا في الاضطرابات الحادة. وقد تميزت هذه الأعراض في الماضي بأنها "عصبية"، وهي تشمل القلق، والرهاب، وأعراض الوسواس، والأعراض الفصامية –في أحيان أقل. ومن حيث التصنيف، فكلا من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية 4 (DSM -IV) والتصنيف الدولي للأمراض 10 (ICD -10) –لديهم تصنيفات الاكتئاب الخفيف حيث يتم تلبية معايير النوبة الاكتئابية، ولكن الأعراض الاكتئابية أقل وأقل حدة.

وبصرف النظر عن الأعراض "العصبية" التي وجدت في بعض الحالات، فإن الاضطرابات الاكتئابية الطفيفة تميزت بالأعراض المتوقعة للحالة المزاجية المنخفضة، ونقص الطاقة والاهتمام، والتهيج. وهناك اضطراب النوم، ولكن الاستيقاظ في الصباح الباكر هو المميز للغاية للاضطرابات الاكتئابية الأكثر حدة. بدلًا من ذلك، هناك في كثير من الأحيان صعوبة في النوم، وفترات الاستيقاظ أثناء الليل، وعادةً تتبع بفترة من النوم في نهاية الليل. السمات "البيولوجية" (ضعف الشهية، وفقدان الوزن، وانخفاض الرغبة الجنسية) عادةً لا تظهر. ومع ذلك، قد تختلف الحالة المزاجية أثناء اليوم، وعادةً ما تكون أسوأ في المساء عما هي في الصباح. وقد لا يُظهر المريض مكتئبًا بشكل واضح أو متباطئ في حركته. ولا تكون الأوهام والهلوسات موجودة.

في أخف أشكاله، فإن هذه الحالات تندمج في الاضطرابات المزاجية الطفيفة التي نظر فيها أدناه. وكما هو موضح في وقت لاحق، إنها تسبب مشاكل كبيرة للتصنيف. العديد من هذه الاضطرابات الاكتئابية الخفيفة وجيزة، تبدأ من وقت المحن الشخصية وتنحسر عندما يتغير الطالع أو يتم تحقيق مستوى جديد من التكيف. ومع ذلك، فإن بعض الحالات تستمر لأشهر أو سنوات، مما يتسبب في معاناة كبيرة، على الرغم من أن الأعراض لا تزيد. هذه الحالات الاكتئابية المزمنة يطلق عليها الاكتئاب الجزئي (خلل التوتة). ويشير مصطلح اضطراب دورويّة المزاج إلى عدم الاستقرار المستمر للمزاج حيث يتواجد فيها فترات عديدة من الغبطة المعتدلة أو الاكتئاب الخفيف. إنه ينظر إليه على أنه بديل أخف للاضطراب ثنائي القطب. ليس من غير المألوف بالنسبة لنوبات الاضطراب المزاجي الأكثر حدة أن تحدث كشيء غير متوقع في المرضى الذين يعانون من اكتئاب جزئي أو دوروية المزاج، ويمكن أن يحدث العكس أيضًا (جدّ وآخرون، 1998؛ جدّ وآخرون، 2002). وهذا يشير إلى أن –في بعض الأفراد –الأعراض الأخف هي تعبير محدود لاضطراب المزاج الرئيسي الكامن.

اضطرابات المزاج الخفيفة


لقد رأينا بالفعل أن القلق والأعراض الاكتئابية غالبًا ما تحدث معًا. في الواقع، اعتبر الكُتَّاب الأوائل أن القلق والاضطرابات الاكتئابية لا يمكن فصلها بشكل واضح حتى في المرضى الذين تم إدخالهم إلى المستشفى وهم يعانون من اضطرابات حادة. ومع ذلك فإن معظم الأطباء النفسيين الآن يقبلوا أن التمييز يمكن عادةً أن تتم بين الأشكال الأكثر حدة التي تظهر في ممارسة الطب النفسي، والتمييز أقل سهولة من أن يتم في أشكال أكثر خفة والتي تظهر في الرعاية الصحية الأولية.

 

مرض الاكتئاب و المزاج الاكتئابي – د. مصعب عزاوي


مرض الاكتئاب و المزاج الاكتئابي – د. مصعب عزاوي


إنه جزء من التجربة الطبيعية من الشعور بالتعاسة خلال أوقات الشدائد. أعراض المزاج المكتئب هي مكون للعديد من المتلازمات الطب نفسية، كما توجد عادةً في بعض الأمراض الجسدية (على سبيل المثال، في الالتهابات مثل: التهاب الكبد الوبائي، وبعض الاضطرابات العصبية). نحن لا نهتم لا بالمشاعر الطبيعية للتعاسة ولا بالمزاج المكتئب كعرض لاضطرابات أخرى، ولكن بالمتلازمات المعروفة على أنها اضطرابات اكتئابية.

السمات الرئيسية لهذه المتلازمات هي:

·      المزاج المكتئب

·      التفكير السلبي

·      فقد المتعة

·      الطاقة المُقلصة

·      البطء.

ومن هذه، عادة يكون المزاج المكتئب –ولكن ليس دائمًا –أكثر الأعراض بروزًا.


 

السمات السريرية


المتلازمات الاكتئابية


وتتنوع العروض السريرية للحالات الاكتئابية، ويمكن أن يتم تقسيمهم إلى عدد من الطرق المختلفة. في التقدير التالي، يتم تجميع الاضطرابات على حسب حدتها. ويبدأ التقدير بوصف السمات السريرية لنوبة الاكتئاب الحادة للاضطرابات الاكتئابية.

النوبة الاكتئابية الحادة


في حالة النوبة الاكتئابية الحادة، تكون السمات الأساسية هي الحالة المزاجية المنخفضة، وفقدان المتعة، والتفكير السلبي، والطاقة المُقلصة، وجميع التي تؤدي إلى انخفاض الأداء الوظيفي الاجتماعي والمهني.

الجدول.1 الأعراض اللازمة لتلبية معايير "النوبة الاكتئابية" في التصنيف الدولي للأمراض 10 (ICD -10).

أ
·      الحالة المزاجية الاكتئابية
·      فقدان الاهتمام والمتعة
·      الطاقة المُقلصة والنشاط المنخفض.
ب
·      التركيز المنخفض
·      تقدير الذات والثقة المنخفضة
·      أفكار الشعور بالذنب وعدم الجدارة
·      الأفكار المتشائمة
·      أفكار إيذاء الذات
·      اضطراب النوم
·      تضاؤل الشهية
النوبة الاكتئابية الخفيفة: على الأقل اثنين من أ وعلى الأقل اثنين من ب
النوبة الاكتئابية المعتدلة: على الأقل اثنين من أ وعلى الأقل ثلاث من ب
النوبة الاكتئابية الحادة: جميع ثلاثة أ وعلى الأقل أربعة من ب
شدة الأعراض ودرجة الاختلال الوظيفي أيضًا يرشد التصنيف

 

المظهر


مظهر المريض هو سمة من السمات. يمكن أن يتم إهمال اللباس والنظافة الشخصية. وتتميز ملامح الوجه من خلال تراجع زوايا الفم ومن خلال التجاعيد العمودية لوسط الحاجب. وربما ينخفض معدل الغمز. وتكون الأكتاف منحنية والرأس مائلة للأمام ومن ثم يكون اتجاه البصر للأسفل. وتقل الحركات الإيمائية. ومن الهام أن نلاحظ أن بعض المرضى يحافظون على مظهر خارجي مبتسم على الرغم من المشاعر العميقة بالاكتئاب.

الجدول.2 معايير النوبة الاكتئابية الكبرى في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية 4 (DSM -IV).

خمسة (أو أكثر) من الأعراض التالية تكون موجودة خلال نفس فترة الأسبوعين وتمثل تغييرًا عن الأداء الوظيفي السابق؛ على الأقل أحد هذه الأعراض إما يكون (1) مزاج مكتئب أو (2) فقدان الاهتمام أو السعادة
1.   المزاج المكتئب معظم ساعات النهار -وكل يوم تقريبًا –كما هو موضح سواء من خلال التقرير الشخصي (مثل الشعور بالحزن أو الفراغ) أو الملاحظة من قبل الآخرين (مثل يظهر باكيًا).
2.   الاهتمام أو السعادة المتقلصة بشكل ملحوظ في جميع الأنشطة أو معظمها معظم ساعات النهار، وكل يوم تقريبًا (كما هو موضح سواء من قبل التقدير الشخصي أو الملاحظة من قبل الآخرين).
3.   فقدان الوزن بشكل ملحوظ عندما لا يتبع نظام غذائي أو يزيد من الوزن (مثل تغير أكثر من 5% من وزن الجسم خلال شهر واحد)، أو نقصان أو زيادة في الشهية كل يوم تقريبًا.
4.   الأرق أو فرط النوم كل يوم تقريبًا.
5.   التهيج أو التخلف النفس حركي كل يوم تقريبًا (قابل للملاحظة من الآخرين، وليس مشاعر ذاتية فقط للأرق أو كونه متباطئ)
6.   التعب أو فقدان الطاقة كل يوم تقريبًا.
7.   مشاعر التفاهة أو الشعور المفرط أو الغير مناسب بالذنب (والذي قد يكون موهمًا) كل يوم تقريبًا (وليس لوم الذات المجرد أو الشعور بالذنب حيال كونه مريض).
8.   القدرة المُقلصة على التفكير أو التركيز؛ كل يوم تقريبًا (سواء من خلال التقدير الشخصي أو كما قد لوحظ من قبل الآخرين).
9.   الأفكار المتكررة عن الموت (وليس فقط الخوف من الموت) والتفكير المتكرر في الانتحار بدون خطة محددة، أو محاولة الانتحار، أو خطة محددة للانتحار.